Navigation Menu+

الوجوه التي تبدلت !

Posted on أغسطس 9, 2023 by in قَلَمِي

تمت زيارة التدوينة: 271 مرات

عندما توفيت أمي رحمها الله ،تلقيت أشد الصدمات من أناس، لم أكن يوماً أتخيل أن يكونوا هم السكاكين التي تطعنني في ظهري ! في هذه الفترة المؤلمة، والمصاب الجلل رأيت وجوههم الحقيقية! مررت بأيام قاسية،  كدت أفقد عقلي، أمسك كبدي التي تفتت من قبح أفعالهم، دخلت في صراعات نفسية، أتساءل لماذا يفعلون بي هذه الأفعال وما دوافعهم ؟ هل يحبونني حقاً؟ أم أنا مخدوعة بهم ؟! الشخص الذي يحبك حق المحبة، وفي مثل هذه الفترة التي خسرت فيها أمك، وبمرض مثل كورونا سيكون بجانب يسندك ، حتى لو أخطأت سيغفر لك كل أخطائك في مثل هذه الأوقات العصيبة ! لكنني لم أفهم أفعالهم؟ بقيت ليالي أحاول  فهم مشاعرهم ، وأدركت أشياء كثيرة ،شعرت أنني معها نضجت كثيراً،  في هذه الحياة ستظن أن الكثير يحبك، والحقيقة المرة ستكتشف مع الحياة وظروفها والمواقف أنك واهم ! ربما تخرج منهم بنصف العدد، وربما بأقله وربما ستخرج خالي اليدين! وهذا أقسى ما ستجده ! خلال هذه الفترة وهذا المصاب الجلل، وجدت أن أقسى ما تجده ممن يدعي محبتك هو نزع الرحمة من قلبه! تجده يؤذيك، ويحرق كبدك، ويدخلك في نقاشات، وجدليات، ومشاكل ،وصراعات مع نفسك ،ومشاعر أنت لا تحبها ولا تريدها، يقلق عقلك الذي يعيش أقسى مرحلة التفكير، وتعب مع مصيبة فقد الأم ! أكثر ما يوجع العقل والروح هو الموت! وكيف به إذ  أخذ أحبتك! تساءلت عن طبيعتهم الإنسانية أمام مهابة الموت!  أمام خسارة الأم !، أمام مصائب يرونك تعيشها!، ما الذي يجعل هؤلاء لا يتوانون عن أذيتك ؟! شعور الحب الذي يدعونه يُعلم الإنسان أن يرعي من يحبه ، لا بأس ربما لم يحبونك ،  يبقى شعور الرحمة هو أسمى ما تحمله النفس الإنسانية؟! عندما كانت أمي رحمها بين الحياة والموت، والأطباء يخبروننا أنها إن نجت من هذه اليومين  ستكون بخير ، كانت هذه اليومين المهيبة والمقلقة ،يفعلون أفعال مجردة من كل الأحاسيس ! بعدما توفيت أمي رحمها الله، وفي اليوم السادس من وفاتها صدمت وقفت مذهولة مما سمعت! بعد خمسة عشر يوم من وفاة أمي رحمها الله كنت على موعد مع الصدمات ، هذه الإنسانة صدمت روحي، هذه الإنسانة أحرقت كبدي ، ليالي أبكي قهراً ووجعاً ، ليالي أرفع يدي لأدعو عليها أن يذيقها الله قسوة الظلم والقهر، مثلما ظلمتني وقهرتني في وقت فقدت فيه أمي رحمها الله، وأعاني الكثير في حياتي ، ثم أخجل من الله وأنزل يدي دون دعاء ، أخجل أمام نفسي التي عشت طوال عمري أعلمها الأخلاق والقيم ، لم يقف الأمر عند هذا الحد ودخلت أخرى أيضاً ،  وأنا أكاد أجن من هؤلاء أي تكوين بشري خلقوا منه ، وهل فعلا يحبونني ؟! وأدركت عمق الإدراك أن من يؤذيك لا يحبك! من يجعلك تسهر الليل ودموعك على خديك لا يحبك! ذلك الذي يقول لك آسف رغم أنه لم يخطئ في حقك هو من يحبك ، ذلك الذي يراعي مشاعرك،  وخاصة في ظروف قاسية مؤلمة هو من يحبك ، ذلك الذي لو أخطأت سيقف أمامك بكل حب وسيخبرك أنك أخطأت لأنه يحبك، وإن لم يستطيع سيكتمها لأجل خاطرك حتى لا يجرحك، ستجده دائماً بقربك وخاصة في الظروف والمواقف الصعبة ، وإن لم يستطع ضمك أو تطبيب خاطرك ، ستجد يجلس بقربك ليخبرك وهوصامت أنا معك، حتى لو كنت من الأشخاص الذين يحبون أن ينفردوا  بالحزن ويطببون جراحهم لوحدهم،  ستجده يقول لك اذهب وطبب أحزانك وجراحك ، ستجدني أقف هنا أنتظرك ! أما  ذلك الذي يؤذيك بشراسة والله لم يحبك ، بقيت أيام وليالي وشهور يقتلني الوجع منهم، والأسئلة لماذا يفعلون بي ذلك؟! وخلصت أن هؤلاء إن لم يكونوا مرضى نفسيين علموا بمرضهم أو لا يعلمون  هم لا يخرجون من ثلاثة ( حساد ، غيورين ، نرجسيين )  الشخص الذي يقاتل، ويؤذيك وليس للموت مهابة هم لا يخرجون من هذه الأوصاف ، وحبك.. هم لا يحبونك الحب الحقيقي بمفهومه الحقيقي، يحبونك بمفهومهم هم، لكنه أبداً لم يكن الحب الحقيقي الذي فيه الشعور الحساس المرهف بالرحمة والاهتمام والمراعاة وخاصة في الظروف القاسية ! وأظن أنني أتحمل جزءً من سوء فعالهم بي ،أنا صادقة مع نفسي ،أتحمل جزء كبيراً مما حدث ، هؤلاء عودتهم على أشياء, وأخفيت عنهم أشياء كثيرة ، كيف لهم أن يعرفوا ! أو حتى يشعروا؟ عندما مرض  أبي رحمه الله وأنا بعمر 18 عشر وأخذ يتدرج به التعب، ثم لحقته أمي رحمها الله ولأن والدي يعتبر كبير العائلة فبيته كان مفتوحاً باستمرار للجميع ، وخاصة في المناسبات  ونهاية الأسبوع، من طبيعة شخصيتي أنني كنت عندما أخرج من غرفتي أضع فيها كل الأحزان والآلام ،وأخرج للناس بوجه ضاحك أولاً: لأنها من طبيعتي ولا أحب الشكوى أو التحدث عما يحزنني ،أو يؤلمني حتى لو مع أعز شخص عندي، أتعايش مع أحزاني وآلامي لوحدي ، وإن كان ولابد لجأت للكتابة لتخفيف عما بي !    ثانياً : لدي قيمة الضيف عالية فمن إكرامه عدم تكدير صفو جوه بالأحاديث الحزينة أو الشكوى  ثالثاً : من طبعي أحب الضحك والمزاح وعندما يحل ضيفاً أحب أن يخرج سعيداً ، وربما الذي عزز لدي هذا الشعور هو رغبتي الشديدة بطمس كل مشاعر الحزن والألم بالانشغال عنها ،وأيضاً إدراك لقيمة الوقت وأن هذه اللحظات علينا أن نعيشها بأفضل شيء ، لذلك جانب فيني يحب العلم والثقافة وكل ما يتعلق به ويستأنس به، وجانب بي كان يحب الضحك والمزاح واللعب وخوض التحديات في اللعب ، لذلك عندما كنت التقي الناس أحب أن تعاش هذه الساعات بالضحك والوناسة، لذلك عندما يأتي الناس لبيتنا يجدون ما يسعدهم ويجدون شخصاً رهناً لهذه الأجواء التي يحبونها ، لم يكونوا يشعر بشيء ، يعلمون بمرض والدي ووالدتي وأمور عامة ، لكن  تفاصيل الأمر لا يعلمونه، ربما يأتونك وتستقبلهم وأنت لك يومين ولم تنم لأنك كنت منشغل مع والدك أو والدتك ولم تنعم بالنوم والراحة، ثم تضغط على نفسك وتجامل لأجل ضيوف حلو عليك، ولأجل والدتك والتي كنت تحرص أن تختلط بالناس وتسعد معهم ، والدي بعد رحيل أعمامي انعزل نهائياً عن الناس ، بقى والدي أكثر من ثلاثة عشر عاماً لا يخرج من غرفته إلا لدورة المياه !لو انفجر بيتنا لما تحرك من غرفته، الغرفة الملاصقة لغرفته أقسم أنه لم يدخلها منذ تعبه! في سنوات اشتد التعب على والدي فلم يعد يحرك يديه، نأكله كما نأكل الطفل ونمسح فمه وأنفه ، نقلب له التلفاز ، نحمله لدورة المياه  أصبحنا يديه وقدميه ، لم يكن والدي ينام أبداً ،رحل والدي ولم يذق طعم النوم ، كان ينام جالساً وغطات متقطعة ، كنَّا نتبادل  الأدوار عليه أنا وأخواني وكنت أنا أكثر من يلازمه بحكم أعمال ودراسة أخواني، تركت جامعتي في تلك السنوات وتفرغت لوالدي ووالدتي وأشقائي ، والدتي التي بدأت تصاب بالاكتئاب بعد مرض والدي ورحيل أعمامي وعماتي الذين بعضهم توفوا ولم يكن بينهم سوى شهرين ، سلمت أمي للاكتئاب  ولم يقدم لها العلاج أي حل يذكر، ست سنوات لم تكن معنا كان غالب وقتها نائمة ، ليشتد تعب أمي رحمها الله، ويتحول من اكتئاب إلى هوس وهذا يعد أشد خطورة كادت أمي تفقد عقلها وسافرت بها أنا وأخي للخارج للعلاج، تركت والدي وشقيقاتي وأشقائي وطفلتي التي انضمت إلى سيل من الأحزان، بعدما قررت الانفصال عن والدها، وكنت أحمل مسؤولية هذا القرار الذي اتخذته ، أيام من قلقي وخوفي على شقيقاتي، وخاصة بعد مرض والدي ووالدتي أذهب بهن مع السائق لمدارسهن وأعود لأخذهن، واليوم أتركهم جميعاً لوحدهم عند الخادمة لترعاهم ، لأسافر بأمي لعلي أجد لها طبيباً يساعدها في تشخص حالتها  ، عندما مرض أبي بمرضه الشديد كنت أنام من بعد المغرب و استيقظ الساعة العاشرة ليلاً من نفس اليوم، لم أكن أنام إلا أربع ساعات وأبقى للغد ، كنت بين الضيوف وبين أبي وأمي وعائلتي ، لا أحد يعلم عن التفاصيل الدقيقة في حياتك، تقابلهم بابتسامة، وضحكات وتمثل لهم أنك بأفضل حال وليس هنالك شيء مقلق! وأنت في صدرك كل الحزن والبكاء عندما تجلس في غرفتك تبكي مثل الطفل على حال والدك ووالدتك،  وكل المصائب التي سكنت بالقرب منك وكل مرة ترسل لك ألماً وحزناً ، وحياتك وحياة والديك وعائلتك، التي سلبت منكم رغماً عنكم! نعم قدر ، لكن هنالك قدر يصنعه الحساد الممتلئة قلوبهم كراهية ! وهذا ما يؤلم قلبك أكثر ، لكن ما يطمئن القلب أن هنالك موعدٌ للفصل عظيم عند رب الأرباب العدل الحق ناصر المظلومين! هنالك  أعوام حزينة ،وهنالك أعوام أشد حزناً عام 2003/2004 كان عاماً شديد الحزن فقدت فيه أعمامي ليس بينهم سوى شهرين ،عام 2015 فقدت فيه ابنة خالي، ومن عجائب الحياة أنها أتت للحياة بعد عشر سنوات من الانتظار، ثم رحلت بعمر 15 سنة اعقبتها وفاة جدتي ثم عمتي ثم والدي بين عمتي ووالدي 14 يوم فقط رحلت عمتي، ليلة عيد الفطر المبارك ثم لحقها والدي ، أشد ابتلاء تجده في هذه الدينا، هو الابتلاء في دينك، ثم الابتلاء في والديك ، أن ينقلب دورك في الحياة لتكون أنت الأب والأم، تمر عليك لحظات تقسوا على والديك مثلما تقسوا على أبنائك، ثم تعيش صراعات بين نفسك تبكي بكاء مراً ، تحزنك اللحظات والمشاهد وتدرك مدى ألمها في روحك ، تلك الليلة التي دخلت بها أمي غرفتي وأنا نائمة لتنام معي أدركت كيف انقلبت الأدوار!  وأي تعب سكن قلب أمي؟  سكن قلب أمي وأبي الخوف وهذا أقسى ابتلاء ذكر في القرآن ! عندما رحل أبي كنت في عزاه أضحك، وطوال حياتي وأنا أضحك (وأطقطق) وأخذ كل شيء بنكات، لكن اليوم في عزاء أبي كنت أضحك أكثر  في موقف مهيب ومبكي، من رأني ربما يظن أنني فرحة برحيله ، لكن كنت أعلم أن هنالك وجه يراقبني، أعلم أنه يدرك  الأشياء من خلالي وكنت أطمئنه وأن لا شيء مخيف ، كنت أعلم علم اليقين لو انهرت لنهارت أمي ولدفنتها بعد أبي رحمه الله، كنت أقاتل في تلك اللحظات العصيبة لأجل أمي ، وعندما كنت أدخل غرفتي كنت أنهار بالبكاء ، الصق كبدي على الأرض ، أتذكر عندما يفضفض لي أبي ويتحدث بعينين باكية ،”والله لا أخاف الموت يا أسماء  ولكني أخاف ما بعده!” ثم أسأل كيف استقبل أبي الموت ، كيف واجهه ولم يستطع الفرار منه ، ليالي كدت أفقد عقلي، أبكي وأصلي أن يسكن الله قلبي وعقلي أمسح دموعي وأخرج لأمي والعالم وأنا أضحك ولا شيء يهزني ، كانت أمي تقول لي جعل يومي قبل يومك كانت تقهرني بهذه الكلمة، أدركت في لحظات شيئاً خطيراً  ماذا لو مت قبل أمي ماذا ستفعل؟! بدأت أضغط عليها أن تخرج من غرفتي، وأن تتعود أن تنام في غرفتها لوحدها ، يوماً أخذت ابنتي وسافرت وتركتها لدى أشقائي وشقيقاتي والخدم  ودعتني بدموع باكية ، شعور قاسي جداً جداً أن تقسوا على والديك أن تبدو بلا رحمة، ولا قلب لكن ما يقهر فؤادك أن تموت ويذلوا أنفسهم لأحد، تريد أن يحتفظوا بشيء من القوة لأجل أنفسهم ، اعتادت بعدها أمي أن تنام في غرفتها بل تطردنا في أيام منها وتخبرنا أنا أزعجناها ، لكن مازال الخوف يسكن قلب أمي ، كانت سعادتها واطمئنانها أن تراني أسهر الليل وتسمع صوت إزعاجي ، وكان يضيق صدرها جداً عندما أنام العشاء وأصحو فجراً ، فكنت أسهر الليالي لأجلها ، عام 2017 كان عاماً شديد الحزن ، عندما رحل والدي بدأت الأمراض تنتقل لأمي كان يصيبها نزيف في الأرحام، وكان تفقد دمها ، وتخرج بها جروح لا تبرئ وبحكم مرضها بالسكر كان الأمر صعباً، وصل ببعض الجروح أن تصل لعظمها رغم حرصنا عليها ،لذلك كانت أيام تتنوم لأجل أن تأخذ مضادات في الوريد، ولأجل معالجة الجروح ، عام 2017 تقرر أن تجري والدتي عملية استئصال ورم حميد في الأرحام ،لكن بعد العملية ب20 يوم عادت أمي للعمليات مرة أخرى لتجري ثلاث عمليات أخرى ،  خرجت أمي بعملية شق من أعلى صدرها لأسفل بطنها ،وعمليتها القديمة الأساسية، والتي جعلها الأطباء مفتوحة لم تغلق  بسبب استئصال خراج منها ، وعملية أخرى على الجنب لتخريج الفضلات ، 14 مرة أدخلت والدتي العناية المركزة،  ثمانية أشهر  اتنقل بين المستشفيات ، أمضيت 14 يوم منها لم أنم في اليوم سوى ساعتين، أسهر الليل لأجل أمي كان يقتلني خوفها كلما  شعرت أنه لا يوجد صوت، سألتني هل نمتي يا أسماء ؟ الصباح أقابل الأطباء وفي العصر والمغرب أقابل الزوار ، عندما أرهقت طلبت أن تأتي شقيقتي الصغرى لتساندني، كنت أحزن عندما أراها تخرج لجامعتها من المستشفى ،عام 2017 كان عاماً قاسياً بكل ما فيه  لم أصدق أن أمي ستعود لنا مرة أخرى ، عام 2020 كان عاماً شديد الحزن  مرضت أختي مرضاً شديداً بقيت سبعة أشهر عندنا، لم أطعم فيه بالراحة والنوم، أدخلت أمي المستشفى أيضاً بسبب اصابتها بكورونا بقيت شهر ونص ثم رحلت ، بعد رحيلها أصيب أخي الصغير بحادث نجى منه بأعجوبة أصيب في يديه وقدميه، ثم تلاه مرض أخي الكبير مرضاً شديداً  الطب يقول جرثومة معدة، لم يرتاح حتى لجأ لحبوب النفسية! يعاني شقيقي الأصغر منه من داء السكر ، والذي يليه مصاب بارتفاع هيقلوبين الدم، وأخي هذا أصيب بحادث وهو صغير واستأصل منه الطحال، ولا يوجد في جسده تنقية دم ، والذي يليه أصيب بالعصب الخامس تمر عليه أيام لا يستطيع الأكل والشرب والحديث بلغ اليوم 34 عام ولم يتزوج بسبب هذا الألم، والذي لا يوجد له علاج ويحزنني أن المسكن له علاج صرع وأخي لا يعاني من الصرع ، أختي التي كانت مريضة مضى على زواجها ستة أعوام ولم يكتب الله لها حمل ، بالأمس في عيد الفطر أدخلت أختي الصغرى غرفة العمليات لتصحيح مجرى التنفس في الخشم لأنها في الليل تنكتم ويضيق نفسها ،وليلة دخولي للمستشفى وصلني خبر وفاة خالي  بعدما أصيب  بنوبة سكر ، أن تكون حياتك بين المرض والموت وأن ترى نفسك مريض وأحبابك مرضى وتودعهم واحداً تلوى الآخر ، تؤمن بأقدار الله وتسلم لكل شيء تخفي مواجعك وأحزانك عن الناس وتستقبلهم بابتسامة  وعندما يبركك الحزن تذهب وتنقطع لوحدك  بعيداً عن كل شيء لتطبب حزنك ، طوال حياتي  كنت أقاتل  الحزن  ولا أحد يعلم تفاصيله، هل أنت أمام بوابة العناية المركزة، أم أمام غرفة العمليات ، أم في غرفة يبث لك أغلى الغالين حزنهم وألمهم ، أم أمام  أشقائك او شقيقاتك تحاول أن تصمدهم لأجل ألا يبتلعهم الحزن أو الحياة أو الناس! لن يفهم أحد معنى أن يكون صدرك ممتلئ بالحزن ، وعقلك تكاد أن تفقده ، ثم يدخلك أشخاص في مشاكل وصراعات تافهة ثم تقاتل لأجل أن تتمسك بأخلاقك وأن لا تخطأ!  كرهت قتالهم  وخيل إلي ، أنت تموت من الجوع وهم يقاتلون ويبكون لأجل آيس كريم سقط منهم! أدركت أن هنالك الكثير من الأخطاء التي ارتكبتها كنت أخفي الكثير، كان علي أن أخبرهم بالتفاصيل لا على سبيل الشكوى، بل على سبيل توضيح ما لا يعلمونه  حتى لا يسلون سيوفهم علي وسوء ظنونهم،  أيام كنت أتغاضى عن أخطائهم في حقي ،وأتغابى عنها لأجل حفظ الود ، ولأنني كنت أرى لما بعدها ، وأيضا كنت أريد أن أريح رأسي فلدي ما يشغلني لكنني لم أسلم ، ووفاة أمي كانت الفيصل الكبير الذي لم أكن أتخيله لهم ، اليوم في حياتي (ما قبل أمي رحمها الله ،وما بعد أمي رحمها الله ) ثلاث سنوات من رحيل أمي غيرتني وعرفتني بالناس مالم أعرف ، واليوم  أقول ما قاله الجواهري

لم يبقى عندي ما يبتزه الألم

تذكر أن الناس تبحث عن سعادتها لا سعادتك،

تقاتلك لأجل نفسها لا لأجلك فعلاما تشغل نفسك!

قاتل لأجل اللحظات السعيدة

عندما  تشعر بالحزن أسأل نفسك هل يستحق الحزن ؟!

وتذكر أنك لا تعرف ما يحمله لك القدر من حزن ربما هنالك حزن كبير ستعيشه

فكيف ستقابله بروح استنزفتها بالحزن على التوافه!

المرض والموت هو أقسى حزن يسكن روحك وخاصة إن رأيته يتلبس أحبابك ويذهب بهم بعيداً

عش مع والديك واجعل لهم النصيب الأكبر من وقتك وحياتك وأحمد الله

أنك تسير مع والديك وتضحك معهما

تعيش زوجة أخي حزناً منذ عامين على أبيها المريض قلت لها تذكري سنواتك الطوال التي عشتها مع أبيك وهو بخير وصحة، تحتفظين بأجمل الذكريات له ، اليوم بعد رحيل والدي ووالدتي رحمهما الله كلما تذكرتهم لا أذكر إلا حزنهم وألمهم، ليس لهم إلا القليل من الذكريات الجميلة

قلت يوماً في رسالة كتبتها لوالدي ووالدتي

كنت أتمنى أنا تجمعنا في ظروف أفضل من هذه الظروف القاسية

لكن قدر الله فوق كل شيء ، وتبقى الأخرة هي المنى لأن نلتقي من جديد

أمتنوا للحظات الصغيرة والسعيدة في حياتكم وانظروا لها بكثير من الحمد

***

لأنني كنت أكتم الحزن ولا أتحدث لأحد ، وعندما كانت تضيق بي الدنيا  و يتلبسني الحزن ويكبلني، كنت أخفف عنه بالكتابة، وأنشره كنت أسلي من هم مثلي يشعرون بالحزن ، مثلما كانت تواسيني وتسليني كلماتهم، وأشعر بها ترتبت على كتفي ، اليوم سيكون هذا أخر نص أكتبه  فيما يتعلق في حياتي بعدما أدركت أن هنالك من سيستغل حزنك وحياتك التعيسة ليعيرك بها و كأنك اخترت حياتك!

أضف تعليقًا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.