Navigation Menu+

الجهل مريح!!

Posted on مايو 8, 2020 by in رُبَّمَا

تمت زيارة التدوينة: 2023 مرات

 

 

تحاورني أختي حول دخولها لعالم النظام الغذائي، وخاصة النباتي، وكيف أنه كان قراراً خطئاً استعجلت في اتخذه! أحاول التخفيف عن شعورها تجاه الأمر، وأذكرها أن من القرارات والكثير من الأشياء التي تمر في حياتنا، وخاصة المؤلمة لا نعلم الخير فيها! وإن كانت ظاهرها عكس ذلك! أذكر لها حادثة الإفك، ويتساءل الإنسان ما الخير في هذه الحادثة؟! والتي يتهم فيه عرض رسول الله! ومع ذلك يقول القرآن ” (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)، تقول لي أختي رغم الوساوس التي حلت بي تجاه كل ما نأكله، إلا أنني لا أخفي أنني استفدت من هذه التجربة! لأطرح عليها سؤالاً يشغلني ويؤرقني! هل الانغماس في العلم غير محمود؟! مثلما الانغماس في الجهل غير محمود! أم ليس عليك أن تعرف كل شيء! والجهل في أشياء محمود!! أم طريقة تعاطينا مع المعلومات خاطئ !!…الخ، لدي تلك الشخصية التي تحب أن تعرف كل شيء! ولا تهدأ حتى تعرف! لكنني لم أكن أدرك يوماً أن لكل معلومة ثمن! أول معلومة قرأتها وأقضت مضجعي، وأنا في مراهقتي هي معلومة أن الميت يرى ملك الموت عند موته! أمام قلق المعلومة أصبحت لا أنام إلا على الضوء! يقف والدي رحمه الله على باب غرفتي ويقول لي بقلب الأب المشفق ” وأنا أبوك الضوء مضر لك وأنت نائمة! أرفض أن أغلقه! يتعجب أبي من حالي! وأنا يقلقني هذا الوجع! وكبريائي يرفض أن أبوح به! يوماً من الأيام تأتي والدتي لتنام معي في غرفتي تعلم أن نومي حساس! تغلق الضوء!، وتمشي بهدوء لتصطدم بطرف سريري! أقفز مرعوبة في الظلام، أحاول ترجمة الموقف وماذا حدث، لا يوقظني من هول الصدمة إلا صوت أمي! وهي تتمايل من الضحك! كل جزء من جسدي يرتجف، أمسك قلبي الصغير، أشعر أنه سيخرج من بين أضلعي أرجوه أن يهدأ! معلومة سببت لي كل ذلك!  مع الأيام تصالحت مع الظلام ومع هذه المعلومة! عندما دخلنا العالم الأوسع عالم التقنية ،كانت المعلومات تنهال علينا من كل حدب وصوب! وبكل الأشكال، نصياً، وصوتياً، ومرئياً! لم أكن أدرك أن قلق المعلومة العقلي أرحم بكثير من قلق المعلومة العاطفي! “بنسبة لي” أن ترى الناس تموت وتقتل، أن ترى الناس تستنجد لأجل الغذاء، والعلاج، أن ترى قسوة الإنسان تجاه أخيه الإنسان، تجاه الطفل تحديداً “وهذا ما يفتت قلبي”، تجاه الحيوان، تجاه كل شيء! تلك المعلومات حين تأتيك مؤلمة، لذلك أول برنامج تركته مستنزف لشعوري هو الواتساب والذي يراسلك فيه الجميع بكل شيء يصلهم، ثم تويتر والذي أصبحت مقلة جداً لدخول عليه، فلم يعد تويتر مكاناً نقياً، وصالحاً للاستخدام البشري في ظني! يظن الأقرباء والأصدقاء أنني مبالغة في هذا الشعور! لأنهم لا يعرفون من شخصيتي إلا القوة! لكنني أنا ذلك الشخص الذي حين يفكر بعقل يقال إنني لا أملك قلباً! وحين أفكر بقلب يقال إنني لا أملك عقلاً! تبكيني أشياء لا تبكي! وتأسرني أشياء لا تأسر!، عندما أرى ما يؤلم أو يقص لي قصة مؤلمة أتلبس الأشخاص وأعيش شعورهم بكل تفاصيله! ويأخذني خيالي بعيداً معهم! أشعر أن في داخلي شيء ينزف! هل جربت شعور أن تكون في أرضٍ مشرقة، ثم ما تلبث أن تغيم عليك السماء! هكذا شعوري حين اسمع أو يقع في يدي ما يؤلم! يتلبسني رداء الحزن! وقتها علمت أنني في مأزق شعوري وفي مرحلة التقرح الروحي! عندما مرت علي أيام حين أخرج مع عائلتي وأقربائي وأكون فيه سعيدة، ثم مع أطراف الحديث يذكرون شيئاً مؤلماً، ثم أراني أهيم على وجهي من الحزن! لذلك جهلك في كثير من المعلومات مريح! جهلك بمشاعر من لا يحبك أليس مريح! جهلك بمن يعاديك أليس مريح! جهلك بمن ضرك أو يريد أن يضرك أليس مريح! جهلك بمرضك أليس مريح …الخ

يخبرنا القرآن ويقول لنا ” “لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ “

ليس كل معلومة تستحق المعرفة!

أقسى ما وصلت له أنني أدافع شعوراً في داخلي “الود، ودي” ألا أعرف أحداً، ولا يعرفني أحداً، لا أؤلم أحداً، ولا يؤلمني أحداً، لا أسمع ما يؤلم ،أعيش في عالمي بسلام وأعرف ما يناسب عقلي وقلبي ولا يؤلمه!

أضف تعليقًا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.